أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة- تمكّنت الاتحاد للطيران، بتاريخ 23 أكتوبر، من تشغيل الرحلة الأكثر استدامة على الإطلاق، مستفيدة من التجارب والدراسات والكفاءات التشغيلية التي قامت بتطويرها على مدار العامين الماضيين منذ انطلاقة برنامجها المكثف للاستدامة، حيث استطاعت الرحلة EY20 المتجهة من لندن هيثرو إلى أبوظبي من الحد بنسبة 72 بالمئة من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من حيث القيمة المطلقة مقارنة برحلة مماثلة تم تشغيلها في العام 2019.
وتأتي الرحلة في إطار برنامج الاتحاد غرينلاينر، وهو شراكة تمتد على مدار عامين بين الاتحاد وبوينغ تستخدم الشركتان خلاله أسطول طائرات الاتحاد طراز بوينغ 787 كحقل تجارب لتحسين العديد من جوانب الاستدامة بالشراكة مع المؤسسات الرائدة في قطاع الطيران. ولا شك أن نجاح عملية التوصّل لمنتج مستدام على متن الطائرة يحتاج لتضافر جهود عدة جهات على مستوى القطاع، والتنسيق مع إدارة المجال الجوي للحصول على المسار الأمثل للرحلة، وامتلاك تقنيات متطورة حديثة على متن قمرة القيادة، ووقود طيران مستدام، إضافة للعمليات والإجراءات المتعلقة بمسارات التكاثف والمناولة في المطار.
وفي بادرة هي الأولى من نوعها على مستوى القطاع، قامت الرحلة EY20 باستكشاف طرق تجنب مسارات التكاثف. حيث عملت الاتحاد مع شركة ساتافيا (SATAVIA) ومقرها المملكة المتحدة على وضع خطة لتحديد المناطق الأكثر عرضة لتشكل بلورات الثلج في الجو والتي ينتج عنها تشكّل مسار التكاثف الضار ليتم بعد ذلك تعديل مسار الرحلة وتجنب تلك المناطق. واستنادًا إلى خطة الرحلة الأصلية والمعدّلة، تمكّنت الاستراتيجية المتبعة من تجنب إنتاج ما يقرب من 64 طنًا من غاز ثاني أوكسيد الكربون، ما نتج عنه خفض غرامة الوقود إلى 100 كغ، أو ما يعادل 0.48 طن من ثاني أوكسيد الكربون المنبعث.
وفي هذا الخصوص، تحدّث محمد البلوكي، الرئيس التنفيذي للعمليات التشغيلية والتجارية في مجموعة الاتحاد للطيران، قائلاً: "حققت الرحلة وفورات جديرة بالملاحظة. ويجدر بالذكر أيضًا، أن الاتحاد عندما تعهدت بالحد من الانبعاثات الكربونية للوصول إلى الصفر، كان من المسلّم به أن هذا الأمر لن يتحقق من دون التعاون البنّاء والإيجابي بين مختلف الشركاء والأطراف المعنية في القطاع. وهذا بالضبط ما قامت به الاتحاد من خلال الرحلة المستدامة. وعلى نفس القدر من الأهمية، استطاعت الاتحاد وبوينغ وشركاؤهما، المطارات ومزودو خدمات الملاحة الجوية والموردون، الاستفادة من الرحلة للتعرّف إلى الجوانب الأخرى التي تحتاج إلى مزيد من التحسين."
كما تحدّث توني دوغلاس، الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتحاد للطيران، بعد وصول الرحلة، قائلاً: "أود أن أشيد بشكل خاص بشركائنا في بوينغ وNATS، ويوروكنترول، وجنرال إلكترونيك أفييشن، وفيتول وساتافيا، وdeStar وسولا هولندا، وButterflyCup و Agthiaوجزيرة الجبيل ودناتا للتموين. فلم تكن تلك الرحلة لتتحقق لولا التعاون المشترك بين كافة الأطراف، والتزامنا جميعًا بتحقيق ما حققناه من وفورات. لقد لعب كل من أولئك الشركاء دورًا لا يُستهان به لإنجاز هذه الخطوة العملاقة."
وجاء التعاون ليغطي ثلاث مراحل، التخطيط ما قبل الرحلة، وعلى متن الرحلة وما بعد الرحلة. شمل ذلك إعداد الطائرة، والمحركات، وأنظمة التخطيط لمسار الرحلة والإقلاع الأمثل، ومسارات الرحلة والهبوط، وخفض تشكّل مسارات التكاثف، كما تعاونت الاتحاد مع ضيوفها لحمل الأمتعة الخفيفة مع منح مكافأة لمن يتمكن من تحقيق هذا الشرط.
وحرصت الاتحاد على اختيار كافة منتجات الطعام بطريقة تراعي شروط الاستدامة مع استخدام الآنية الفخارية المستدامة وأدوات المائدة الخفيفة. علمًا بأن الآنية الفخارية تخضع لإعادة تدوير منتظمة فمع نهاية عمرها الخدمي تعاد للمصنّع ليتم طحنها وإعادة طبخها من جديد. وحصل الضيوف أيضًا على زجاجات مياه خاصة صديقة للبيئة مصنّعة من مواد نباتية، وحقائب جرابية بإصدار محدود أعيد تدويرها من مواد منتهية الخدمة على متن الطائرة. أثمر عن ذلك توفير 80 بالمئة من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.
ولدى وصول الرحلة إلى أبوظبي، استقبلها أسطول الاتحاد من العربات الكهربائية الأرضية المخصص للخدمات اللوجسيتية مثل خدمة تفريغ الأمتعة. وعند الحالات التي لا تسمح باستخدام العربات الكهربائية، قامت الاتحاد بشراء وقود الديزل الحيوي لآلياتها الأخرى مثل حافلات نقل المسافرين بين أبوظبي ودبي، ما يعني أن كافة المسافرين، بمن فيهم المغادرين إلى دبي، حظوا برحلة محايدة للكربون بالكامل.
وأضيفت البيانات التي جمعت عن الرحلة إلى بيانات الاتحاد المتنامية حول أداء الرحلات، وجرى تحليلها باستخدام أدوات تحليل من شريك برنامج غرينلاينر، جنرال الكتريك الرقمي لتحسين فهم أداء الرحلة و السماح للتعرف السريع على الأنشطة غير المستدامة.
وأفاد البلوكي: "أهم ما في برنامج غرينلاينر أنه يتيح استكشاف فنّ الممكن. فمن المعروف طبعًا أن وقود الطيران المستدام أصبح بديلاً ممكنًا للوقود الأحفوري القائم، إلا أنه في الوقت الحالي باهظ الثمن، وتُشكّل عملية استخراجه وتزويد الطائرات به بعض التحدي بالنسبة لشركات الطيران. وجاءت الرحلة EY20 لتشهد على تلك العوائق حيث لم تتمكّن الاتحاد من تزويد الطائرة بنسبة الـ 38 بالمئة من الوقود الحيوي المستدام المقررة لها مباشرة، نظرًا للبنية التحتية الأساسية في مطار لندن هيثرو. وعوضًا عن ذلك تمت العملية عن طريق تحميل الوقود المستدام الذي اشترته الاتحاد عبر نظام صنبوري، يقوم على خدمة كافة مستخدمي المطار. لكن، وبالرغم من أن الرحلة EY20 لم تستفد بالكامل من إمكانيات الوقود الحيوي المستدام، إلا أن الفائدة المحتملة للحد من انبعاث الكربون حقيقية وواردة. وبالتالي، ينبغي على القطاع والحكومات العمل معًا للتصدّي لتلك المعوقات من خلال تمويل الأبحاث وجهود التنمية على صعيد الوقود الحيوي المستدام وغيره من مراحل التخطيط وتشغيل الرحلات. وتتطلع الاتحاد للعمل على إيجاد الحلول المناسبة لتلك المعوقات."
وأضاف دوغلاس: "لم يكن ما حققناه من خفض للانبعاثات الكربونية ناجمًا عن الموازنات أو المحايدة بل جاء نتيجة الخطوات التشغيلية والكفاءات التي تم استخدامها على مدار الرحلة. ومع ذلك، لو تم العمل على المحايدة على نحو صارم، فستؤدي دورًا هامًا في مستقبلنا المستدام. تمتلك الإمارات العربية المتحدة مخزونًا ضخمًا من شجر القرم والذي يُمثّل حلاً ملائمًا بالاعتماد على الطبيعة. فإضافة إلى قدرتها على الحد من التلوث الناجم عن الماء والغلاف الجوي، في حال تم الحفاظ عليها بالشكل المطلوب، سيكون لغابات القرم إمكانية تجنب إطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي. لذلك، سيكون لكل ضيف حظي بفرصة السفر على متن تلك الرحلة شجرة قرم يقوم بتبنيها في مزارع القرم بجزيرة الجبيل في أبوظبي. ويشمل التبني الاهتمام وإعادة التشجير في الغابات التي تنطوي على إمكانيات تخزين الكربون. وتلك تعد مبادرة هامة لتخضير الإمارات.
واختتم البلوكي كلامه بالقول: "جمعت الرحلة EY20 قائمة طويلة من التغييرات الصغيرة التي جرى العمل عليها وتطويرها على مدار العامين الماضيين في إطار برنامج غرينلاينر، الذي صُمم لتحديد مختلف الفرص المتاحة اليوم للحد من الانبعاثات الكربونية، عوضًا عن انتظار أن تجد التقنيات المستقبلية حلولاً مناسبة. أهم ما جرى تعلّمه خلال العامين الفائتين، أن توافر الحلول لا يعني سهولة تطبيقها بشكل منتظم نظرًا لمختلف القيود والعوائق القائمة على امتداد نظام الطيران البيئي. قدّمت الرحلة EY20 المستدامة على امتدادها عرضًا يُظهر بوضوح فن الممكن، وخطوتنا التالية ستكون حول كيفية تطبيق كل ذلك بشكل عملي ومستدام. هذا هو التحدّي الذي وقفت أمامه الاتحاد، والذي قبلته أيضًا بالتعاون مع شركائها. إن الاتحاد مصممة على تشغيل رحلاتها على نحو مستدام وهذا مبدأ لن تحيد عنه إلى جانب ضمان سلامة وأمن مسافريها وطواقمها، وتتطلع الشركة للقيام بالمزيد من تلك الخطوات، الصغيرة ربما، لكن ذات الأثر الكبير."